قال تعالــــى : { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى}([1])(الشورى : )23، وصح عن سعيد بن جبير رحمه الله أن قال في معنى هذه الآية : لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة، فقال : إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة([2])( أخرجه البخاري في صحيحه، ج4 ص 1289 )، فهذه توصية بقرابته يأمره الله أن يبلغها إلى الناس.
وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحب آل بيته والتمسك بهم، ووصانا بهم ـ عليهم السلام أجمعين ـ في كثير من أحاديثه الشريفة، نذكر منها قوله صلى الله عليه وسلم : « أما بعد : ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربى فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين : أولهما :
كتاب الله ،فيه الهدى والنــــور ،فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ». فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: «وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتــــــي ،أذكركم الله في أهل بيتي ،أذكركم الله في أهل بيتي». فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد ؟ أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال : نســـــاؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال : ومن هم ؟ قال : هم آل على، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس. قال : كل هؤلاء حرم الصدقة ؟
قال : نعم»([3]) (أخرجه أحمد في مسنده، ج4 ص 366، ومسلم في صحيحه، ج4 ص 1873) وقوله صلى الله عليه وسلم : « يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضــــــــلوا؛ كتاب الله، وعترتي أهل بيتي »([4])( أخرجه أحمد في المسند، ج3 ص 26، والترمذي في سننه، ج5 ص 662).
فنحن نحب الله حبًّا كبيرًا، وبحبنــــــــا لله أحببنا رسوله صلى الله عليه وسلم الذي كان نافذة الخير التي رحم الله العالمين بها، وبحبنا لرسوله صل الله عليه وسلم أحببنا آل بيته الكـــــــــرام ،الذين أوصى بهم صل الله عليه وسلم وعظمت فضائلهم وزادت محاسنهم.
فموقع محبة أهل بيت رسول الله من كل أعماق قلب المسلم، وهو مظهر حب رســـــول الله صلى الله عليه وسلم فبحبه أحببتهم، كما أن محبــــة النبـــــــي صل الله عليه وسلم هي مظهر محبة الله، فبحب الله أحببت كل خير، فالكل في جهة واحدة وسائل توصل للمقصود والله يُفهمنا مراده.
والمغــــــالاة لا تكون في المحبة، وإنما تكون في الاعتقاد، فطالما أن المسلم سليم الاعتقاد، فلا حرج عليه في المحبة لرسول الله صل الله عليه وسلم وأهل بيتـــــــــــه، فنحن نعتقد أنه لا إله الله، وأن سيــدنا محمدًا هو رسول الله صل الله عليه وسلم وأن الأنبياء معصومون، وغير الأنبياء من العترة الطاهرة والصحابة الكرام ليسوا بمعصومين وإنما هم محفوظون بحفظ الله للصالحين، ويجوز شرعًا وقوعهم في الآثام والكبائر، ولكن يحفظهم الله بحفظه.
فطالما أن المســـلم سليم الاعتقاد في هذه النواحي ،فيحب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل قلبه، وهي درجات يرزقــــها الله لمن أحبه، فكلما زاد حب المسلم لأهل البيت ارتقى بهذا الحب في درجات الصالحين؛ لأن حب أهل البيت الكرام علامة على حب رسول الله صل الله عليه وسلم وحب رسول الله صل الله عليه وسلم علامة على حب الله عز وجل،